الخميس، 29 مارس 2012

هنري دو تولوز - لوتريك

 كثيرا ما فجأتنا الحالة المزاجية لفنان  بتفضيله  نوع من الفن عن اخر ونوع من الاماكن  عن اخر ونوع من النساء عن اخر ولكن كانت اغربهم حالة الفنان هنرى دى تولوز لوتريك الذى خرج بفرشاته الى الملاهى اليلية بعد ان بهرته زبائنها , والقاء بعض من الضوء على السيرة الذاتية للفنان ربما نعرف سر تشبثه بتلك الاماكن دون غيرها , ولد لوتريك عام 1864وينتمى لاصل ارستقراطى عميق كانت امه من اصل ارستقراطى وابوه يحمل لقب كونت اصاب هو صغير بحادثتين ادت الى اصابة ساقه بشكل منعهما من النمو واقتضى الامر ان يحى حياته عاجز ومشوه ظهرت مواهبه فى سن صغير واحضر له ابوه مدرس ليعلمه فنون الرسم فى البيت وينمى تلك الموهية به وعند بلوغه الثامنة عشر التحق بمدرسة الفنون الجميلة بباريس انتمى للمدرسة الثأثيرية وتتبع اثر سقوط الضوء على العناصر المختلفة للطبيعة تعرف فى ذلك الوقت على عدد من الفنانين  كان من بينهم فان جوخ عاش معهم حياة البوهيمية واصبح يقضى معظم وقته متسكع ما بين حانة واخرى بحى مونمارتر واشهرها مارلتون والمولان روج تعمقت لوحاته واصبحت اكثر من مجرد تاثيرات للضوء على الطبيعة الى تركيز لعمق الروح البشرية وخروجها للحياة وكانت له مقولة شهيرة " الاحمق وحده هو الذى يستطيع الاهتمام بمظهر طبيعى يخلو من الناس " واى ناس الذى كانوا محور اهتمامه هم رواد الملاهى الليلة بمختلف طبقاتهم واشكالهم والوانهم وخاصة الطبقات الارستقراطية منهم حيث تجردهم تلك الاماكن من اقنعة الاحترام  المزيفة رسم لوتريك زبائن المقاهى بشخصياتهم الحقيقة دون روتوش رسمهم باستمتاع شديد وتعاطف كبير واعتنى بادق تفاصيلهم الصغيرة كم رسم راقصة ملهى مولان روج الشهيرة " جون افريل " رسم لها لوحته الاشهر المعلقة بمتحف اللوفر بباريس ومن يتأمل اللوحة يستطيع ان يعلم مدى السرعة التى رسمت بها الفرشاة جتى يستطيع ملاحقة خطوات الراقصة كذلك اهتمامه بتعابير وجه تلك المراة كان يعبر عن مدى اهتمامه باظهار ما بداخلها من مشاعر  , فى لوحته الاشهر والاجمل فى  المولان روج  يلعب فيها  رواد الحانة دون نجومها دور الابطال وعلى عكس لوحات الفنان حرص فى تلك اللوحة دون غيرها على تركيبة المشهد وليس على ان يقدم المشهد فى  مواجهة المشاهد ومن هنا يدرج المشاهد ان الفنان وضعه ليلعب دور المتلصص لا دور المشاهد فقد منح له الفرصة ليسترق النظر عن هؤلاء الناس المجتمعون حول طاولة فى احد الملاهى الليلة ويشغلهم حديث عميق عن ما يدور حولهم من رقص وموسيقى  فيما أسى كبير يلوح على وجه الشخصية الوحيدة في اللوحة، والتي تبدو مهتمة بأن ثمة من يراقب هذا المشهد: المرأة الى يسار مقدمة اللوحة. والفنان، إمعاناً في إضفاء طابع التلقائية الفريد في عمله على هذه اللوحة، صوّرها من وراء طاولة رسمها مواربة وفي شكل يتوازى مع الخط الوهمي الذي يمتد من أعلى قبعة الرجل الواقف في خلفية اللوحة وصولاً الى ياقة السيدة التي تنظر الى الرسام وتلك اللوحة كانت اشهر لوحاتها لكسره فيه الصفة المشتركة فى لوحاته والتى تميزها  وهى  الشفافية والوضوح فللمرة الاولى يضع المشاهد فى حالة ارتباك وتفكير عميق وغالبا كان يريد هنا ان يلعب المشاهد دور الفنان رسمه فى متابعة وملاحظة رواد تلك الاماكن الذين يظهر عليهم فى الكثير من الاحوال الحزن والحسرة ووجودهم داخل ملهى ليلى لا ينفى عنهم تلك المشاعر بل ربما هم اتوا لهنا طلباً فى بعض من الونس رسم لوتريك الكثير من اللوحات فى ما بين سن 25 35 وكأنه كان يعلم انه سيرحل سريعا عن عمر يناهز 37 بعد اصابته بحالة عصبية حادة ومات وهو فى حضن امه ام عن تلك الحياة الليلة التى تأثر بها فغالباً انه كان يرفض ان يخرج فى الضوء نظراً لحالته الصحية والتشوه الذى يصيب جسده فتوارى خلف الانوار الخافتة والخمر الذى يضيع العقل     








           

الثلاثاء، 20 مارس 2012

عن الانتظار الذى قد يليه الانتظار

الترقب الامل الانتظار هل هو دوما قدر المرأة  وهل يولد الرجل بحقيبة مرتبة وببدلة يوضع فى احد جيوبها جواز سفره ليحلق بعيدا دائما, يأتى على وشك السفر ويغادر وهو ما لبث ان جاء, و وحدها المرأة تبقى  فى الانتظار       












الجمعة، 16 مارس 2012

Childe_Hassam_Frederick-

الفنان الامريكى فريدريك تشيلد حسام (1859-1935) فنان امريكى سافر لباريس ليدرس الفن التشكيلى على يد مونيه ملك الانطباعية , ومن خلال لوحاته التى خرج بها للشوارع والطرقات يصور الفضاء تحت الفصول الاربع ما بين خريف وشتاء وربيع وصيف يوزع الاضاءه كما ينبغى الطقس ويوزع الوانه ما بين قاتمة وشفافة ومرحة اطلق النقاد على لوحات حسام الذى غالبا ما ترجع اصوله لشرق اوسطية انها لوحات " متألقة " اطلق على لوحاته اسماء الاماكن التى رسمت لها لذلك ينقلنا من شارع باريسى شهير لميدان امريكى فسيح لنرى تقلب الطقس على كلا منهما , ولم يخفى ولعه باعلام المدن فرسم لوحته الاكثر شهرة |" العلم " لذلك رسم الكثير منها امتاز خلال عمره بالانتاج الغزير للوحات فانتج حوالى 3000 لوحة من الالوان المائية ومن اجمل اعماله تلك المجموعة التى رسم فيها بوسطن مسقط راسه تحت التقلبات الجوية وصفها النقاد على انها دراسة متلالئة فى الغلاف الجوى والرمادى وكتم الطوب الاحمر وكانت لوحته " يوم ممطر فى شارع كولومبس ببوسطن " تشبه الى حد كبير لوحة جوستاف كايبوت " يوم ممطر بباريس " مع الفارق هنا ان فى لوحة تشيلد حسام تسير امرأة بمصاحبة بنت صغيرة تحت المظلة بينما فى لوحة كايبوت كان رجل يسير برفقة امرأة قال تشيلد عن لوحته الاجمل " فى يوم ممطر "التى رسمها فى تقاطع شارع وشارع كولومبس ابليتون فى المنطقة التى يسكن بها الفنان وفى نفس المشهد الذى اخرجه قبله بالكثير من السنوات الفنان الفرنسى جوستاف كايبوت لباريس هوسمان الجديدة كانت تلك اللوحة التى قال عنها الفنان " أن الشارع كان معبد من الاسفلت كانت رطبة ومشرقة ,واشتعلت فيها انعاكاسات مرور الناس والسيارات كنت دائما مهتم بالحركات الانسانية فى الشارع "















الأربعاء، 14 مارس 2012

والمدن ايضاً لها

دخل الفاطميون مصر عام 385 هجرية 17 من شهر شعبان بقيادة جوهر الصقلى الذى قضى على الجيش الاخشيدى , وكان هذا التاريخ هو ميلاد مدينة القاهرة فجوهر الصقلى منذ دخوله وقد شرع فى بناء مدينة عاصمة للبلاد واختارها على بعد امتار من جبل المقطم فى ارض فضاء الا من دير يطلق عليه دير العظام وطلب القائد العارفين المغاربة ليطلعوا على حركة النجوم والكواكب وملاحظة الايام السعد للشروع فى البناء واحاط المكان بعدة اعمدة من الخشب وبين كل عمود وعمود حبل يتدلي منه جرس فى انتظار الأشارة حتى يدق وفى انتظار ذلك حط مجموعة من الغربان  على الحبال ويدق الجرس ويشرع البناة  فى البناء هكذا بدون ان يدروا انهم فى انتظار الفأل السعيد والاوقات المبهجة خدعهم غراب لم يعرف عنه يوماً سوى انه نذير شؤم واتساءل الذلك كان قدر تلك المدينة التى يتبادل عليها الحكام من كل حدب وصوب وهى مستسلمة لقدرها تلك المدينة التى وكأنها تحيك لك مؤامرة تهديك سعادة تفضى بك لحزن , ذكريات تفضى بك لبكاء , دفء لا يشعل بك سوى الرجفة وكان فى تزامن الشروع فى بناء المدينة ظهور كوكب المريخ وهو قاهر الفلك لذلك كان من نصيب تلك المدينة ان تسمى القاهرة  وكما كل امرئ له نصيب من اسمه فالمدن ايضاً لها!!!

الاثنين، 12 مارس 2012

باسكال كوست

باسكال كوست المعمارى الفرنسى الذى جاء الى مصر بتوصية من المسيو جومار المشرف على البعثات العلمية فى عصر محمد على سنة 1817 جاء ليشرف على مصنع البارود الذى امر محمد على بناؤه فى القاهرة وكانت بصحبته المهندس والفنان برايس دافين ومنذ لحظة دخوله للقاهرة وقد وقع تحت سطوة هذا البلد بسمائه الذهبية ونيلها الاسمر الذى يتهادى فى  خيلاء كمن يعرف قدر نفسه , وهام عشقاً بالعمارة الاسلامية والفرعونية على سواء فأخذ يرسم ويسجل وقد  بدأ حياته فى دراسة الرسم والتصوير فى مرسيليا ثم درس المعمار فى الاكاديمية الفرنسية للفنون اقام فى مصر عشر سنوات سافر بعدها لمرسيليا لينشر عمله الضخم العمارة العربية واثار مصر وقد اشرف كوست على العمل فى قصر شبرا او شبرا بالاس لمحمد على باشا واهتم بالتفاصيل الدقيقة فى لوحاته والاتقان المبهر فى هندسته للعمائر والزخارف واستعان باعماله كلوت بيه فى كتابه لمحة عامة عن مصر خاصة فى الفصل الذى شرح فيه العمارة الاسلامية , من اجمل لوحاته محل  الحلاق وتشى ريشة الفنان المتزنة الثابتة بدراسته المعمارية من خلال الابعاد والزوايا , اللوحة  عبارة عن مشهد لمحل الحلاق حيث يمارس عمله فى حلاقة شعر طفل صغير بمساعدة صبى الحلاق الذى يقف فى استكانه يجواره بينما يجلس زبون اخر ينطر فى المرأة ليكتشف صنيع الحلاق وتفتح النافذة على مشهد للاهرامات كناية عن مصر  , من الواضح أن الفنان افاض بالتفاصيل فالارائك من الاربيسك تنتشر  فى انحاء المكان المرايا تتراص على الحائط  الزخاف والنقوش على السقف 

الخميس، 1 مارس 2012

بوح الاشياء



بوح الاشياء لحظة حنين هناك الكثير من اللوحات الفنية فضل  اصحابها  ان يتركوها لنا خالية بدون ابطال , حتى لا يؤثثها الا خيالنا , دولاب , شوفنير , مقعد , اريكة , اشياء مبعثرة تدل على انه كانت هنالك حياة تمر من هنا يوماً   والسؤال الملح لماذا يستبدل الرسام الوجوه فى اللوحة بالاشياء هل لأن للاشياء ايضاً ذاكرة  فقرر الفنان ان يتخلى عن ابطاله ليشعل لنا ومضات الخيال  ولتلك النوعية من اللوحات جمهور كبير من ذلك النوع الذى يثيره خياله اكثر مما تثيره عيناه  ,,بأمكاننا ان ننثره الحياة فى اللوحات ,, هذا المقعد الفارغ كانت تجلس عليه سيدة مسنة تركته لتحظى بالقليل من النوم , فنجانين من القهوة جمع ما بين صديقتين  اخذهما حديث ممتع , امرأة جميلة وقع اختيارها على فستان من الدانتيلا الابيض  لترتديه مساء عندما تذهب لذلك المطعم الايطالى الذى دعاه اليه من تحبه ,طاولة طعام فارغة كانت منذ قليل تتشاجر بها الايادى مع الاطباق , درج خشبى يقودك لغرفة المعيشة عائلة صغيرة تلتف حول جهاز تلفزيون يعرض فيلم كوميدى مساء الاحد فى جلسة دافئية , حذاء خلعته صاحبته وتركته بأهمال وذهبت لتستلقى تحت الماء الساخن ,حقيبة سفر اعدت على عجل بينما دخل صاحبها ذلك الوسيم اربعينى العمر الحمام ليهذب ذقنه , غرفة نوم تشى بشهوة  مغلفة بذبذبات عشقية , مقعد كانت تجلس عليه امرأة جميلة تلون شفاهها بلون وردى جميل وتضع قطرات من عطرها المثير,  انها تلك الاشياء التى تبكى اصحابها .