السبت، 6 مارس 2010

رغبات صباح بارد


بين الابتسام والحزن يحدث اليوم ان اكتب
كيف لا اجمج رغبات صباح بارد خرجت وسط المارة الذين تكتظ بهم الارصفة

فى تلك الساعات الصباحية الاولى

الكل يهرول صوب قدره
 نتبادل النظرات والابتسامات
فما اجمل هذه الابتسامات التى يلقيها البعض  فى وجهك
بدون سابق معرفة بينك وبينهم

هذه الابتسامات الخالية من النفاق والتحرش
الابتسامات التى قال رسولنا عنها ان ابتسامك فى وجه اخيك صدقة
فجميل ان تخطو فى شارع توزع الابتسامات ونجنى الحسنات
"
ربما بقرارى  هذا اكون اخيرا قد تماثلت للشفاء فتحديداّ منذ موت امى والذى قارب على العام بانتهاء هذا الشهر
كانت الحياة بالنسبة لى كشرفة اتفرج منها على ما يحدث فى ساحة القتال
ارتدى العبأة الفضفاضة للحزن والألم
واجلس بالساعات اتأمل فى العشب الذى ينبت على شقوق الذاكرة فوق اضرحة لاناس رحلوا
فرحيل امى افقدنى الاتزان وجعلنى انعزل عن الاخرين
كنت ارى فى قدومهم الغدر والكراهية

أكتشفت مؤخراً بأن تعاملي مع كل الأشياء الصغيرة و الكبيرة بمزاجية و بحساسية مفرطة و حسابي الدقيق لكل الأمور
اوقعنى فى مشاكل نفسية أول سيئات هذا السلوك وأصغرها
أنه باعد بيني و بين الابتسامة الحقيقة التي كنت ابتسمها من قلبي
انقطعت عن صديقاتي منذ وقت بعيد بسبب مزاجي وليس أكثر  وانحصرت علاقاتي داخل دائرة ضيقة جداً

كثيراّ ما نعتقد صفحة العمر بأمكاننا
تمزيقها ترقميها طيها او حتى نتجهالها وفقاّ
لالمناّ ورغباتنا ولكن فى الامر مغالطة ما
ليس العمر الا صفحة واحدة نصاّ واحداّ 
نقرأه من البداية الى النهاية

اعتقد انه احياناّ كثيرة طموحتنا لا علاقة لها بالمكتوب وان القدر قد خطط لها مسبقاّ

ليضعنا داخل دائرة مغلقة فى مواجهة مصير لا نستطيع منه فراراّ

الأربعاء، 3 مارس 2010

عن النهايات غير المتوقعة


اتوقف مطولا امام نهاية لاحداث رواية كنت قد بدءتها منذ عام او اكثر
ابحث لابطالها عن قدر غير متوقع لأنهى بها فصول حياتهم الخرافية هذه
دوما كانت الاقدار غير المتوقعة للروايات تذهلنا وتجذبنا اكثر
كما فى الحقيقة تماما لاحظت ان النقاط الفاصلة لاعمارنا تأتى بشكل غير متوقع
فمشاهير التاريخ كانت لحظات رحيلهم مختلفة تماما عن ايامهم الزاخرة بموائد النفاق

ملكة متوجة مثل شجرة الدر ماتت ردما بالقباقيب والقيت جثتها بعد ثلاث ايام فى بئر قريب من قصرها
لتنهش الذئاب والكلاب جسد لامرأة كانت يوما تصدر اوامرها فلا يخالف لها امرا
فى وقت كانت النساء غير مسموح لها بكشف الوجه او حتى السير فى الطرقات
اوجينى امبراطورة فرنسا سكنت اجمل القصور واخيراّ ماتت فى غرفة حقيرة
ورائحتها وحدها جذبتهم الى جثتها بعدما كانت تستعمل افخر انواع العطور
الفرنسية التى تصنع لها وحدها وعند قدومها للقاهرة لتشهد حفل افتتاح قناة السويس
جلبت معها من فرنسا حاشية خاصة تقدر بخمسمائة عامل وعاملة
من بين مصففين شعر وخياطين وخدم ومئة فتاة وسيدة خاصة لتساعدها فى ارتداء وخلع ثيابها
وفى القاهرة وضع لها الخديوى اسماعيل عدد لا يحصى من الخدم والحشم للعمل على راحتها ليل نهار

ها هى مارى انطوانيت التى طالما رصعت رقبتها باغلى انواع الجواهر
فصلت رقبتها الجميلة عن عنقها بمقصلة صنعت خصيصا لهذا الحدث
بعدما ارتدت فستان من الابيض وجلست فى عربة مفتوحة تقودها باتجاه حتفها
ويخرج الشعب الفرنسى كله ويتراص على جانبى الطريق يقذفها بكل ما تطوله يده
ويوصمها بأابشع الالفاظ اقلها كانت العاهرة
واقف طويلا امام هذه الميتة التى صنعها الطاغية هتلر لنفسه
فبعد ان اشعل الحرب فى جميع انحاء العالم ووقوفه بشموخ وهو يحى الشعب والجيش
بشاربه الذى اصبح فيما بعد مسخرة للتاريخ وكان ذكر اسمه فقط يدعو للخوف والرهبة
وعندما تأكد من خساراته الفادحة اطلق الرصاص على رأسه ليضع فاصل لحياته
وهو يصر على الاحتفاظ بديكتاتوريته ويصدر قرار بانهاء حياته وكأنها ملكا له وحده
الغريبة انه تعرضت قبلها مباشرة لحادثة اغتيال من مجموعة ظباط من الجيش الالمانى نفسه
قام احدهم فى احد الاجتماعات المهمة بوضع قنبلة فى حقيبة وتركها وغادر المكان
وبالفعل انفجرت ولكنه لم يصيب سوى بخدوش وهى معروفة بعملية فالكيرى ومن اشهر
العمليات الاغتيالية فى التاريخ

صدام حسين والمشهد المخزى له الذى كانت تبثه له وكالات الانباء
وهو جالس بلحيته الطويلة
فى احد الكهوف امام طبق للملابس يقوم بغسلها وهو يجلس القرفصاء
بنفس قدرته الفائقة على اصدار قراراته بحصد ارواح الابرياء واخيراّ
فى صباح اعياد الاضحى يكون هو الاضحية الغالية
بعدما ضحى بعدد لا بأس به  من الرقاب على مراحل تاريخه الدموى
يتوق رقبته حبل المشنقة بعدما كانت تتوقها احدث ربطات العنق
التى استورد خصيصا له من اشهر بيوت الازياء العالمية
وكأن القدر يمازحنا ويختار لنا نهاية غير متوقعة على الاطلاق
ابى مثلا رحمه الله كان متأنى جدا فى تصرفاته واتخاذ قرارته
حتى انه كان دائم اللوم لتسرعى فى كل شئ
وينبهنى بصوته الهادئ الرخيم وهو يضم قبضة يديه ويحركها فى تأنى قائلا
"Be quite"

اتذكر انى كنت انهى طعامى بينما هو مازال يتناول الشوربة
فكان عقابا لى لا يسمح بمغادرة المائدة الا بعد ان ينتهى الجميع

اكان فى مغادرته الحياة على هذا القدر من السرعة نوعا من الامتهان ام العقاب على
عدم تسرعه يوما فى شئ بعد موته بعام تقريبا اتصل بنا معيدكان ابى
يشرف على رسالته ليمنحنا نسخة من كتاب له
وكانت المفاجأة الاهداء فى الصفحة الاولى كان لابى بعد ان كتب بعض كلمات غاية فى الرقة
والعرفان من تلميذ لاستاذه المتوفى هذه الكلمات الجميلة المنمقة التى توضع على صفحة بيضاء
فى صدراة الكتاب وتشغل تفكير اى كاتب بمن تراه يستحق الاهداء
وغالبا يقع اختيار الكاتب على هؤلاء الاناس الذين ينتسب اليهم
ويحملون صفة قرابة من الدرجة الاولى كالاب اوالام
الزوجة او الزوج

انما يستغرق حب كاتب لرجل كان استاذه ذات يوما حد اهداءه كتابه
منتهى الوفاء حقا
امام فاجعة موت امى بالمرض الذى كانت تخشاه دوما
وعند ذكره تستعيذ بالله وكأنه شيطان رجيم وتقول تعويذتها المعهودة
سلاما قولا من رب رحيم

اليس من المستغرب انها تلقى حتفها بهذا المرض وهل كانت تخشاه حتى استدعائه
فكانما كان يتبعها فى كل خطوة ليأتى اخيرا ويخطف عكازها للحياة
انه القدر الذى يباغتنا بنهايته الغير متوقعة ليضع بصمته فوق عمرنا وهو يمهلنا ضحكاً
وكأنه يقول افعل ما يحلو لك
يشغلنى عنك من هو اهم منك
سأعود لاحقا فانا حتفك