غريبة هى الحياه بل ربما هى اكثر غرابة من القصص التى نبتكرها ولعل شاهد على مقولتى هذه الحدث الاكثر رومانسية و خيال الذى جاء تحديداً فى شهر يونيو لهذا العام الذى يلفظ ايامه الاخيرة ,,يخطئ من يغلق باب بيته ويمضى ان قدميه هى التى تقود خطاه انه القدر فقط هو الذى يقود خطانا باتجاه مصائرنا وربما كانت حفيدة النجمة السينمائية الجميلة مارت دو فلوريان احد هؤلاء المخطئين عندما جمعت حقائبها وغادرت باريس المدينة التى تسكنها لتسافر الى الجنوب الفرنسى هرباً من اجتياح الحرب العالمية الثانية على هذه المدينة الجميلة وسقوطها دون رحمة فى يد هتلر,غادرت هى فى يوم بارد وحزين من شتاء عام 1941 بنية الرجوع مرة أخرى لذلك تركت كل شئ كما هو وراءها وذهبت بينما كان فى نية القدر مخطط أخر لها لم يكتشفه أحد الا بعد موتها عن عمر91 عاماً وبعد حصر تركتها اكتشفوا وجود شقة باريسية تقع ما بين بيغال والاوبرا بالقرب من كنيسة ترينتى,وقد كانت هذه الشقة لجدتها الفنانة مارث دو فلوريان ولدت فى 1860 وانتقلت للسكن بهذه الشقة منذ فى عام 1890, ويمكنك وقتها أن تتخيل سحر لحظة ادارة المفتاح فى الباب أغلق على اسراره لأكثر من سبعون عاماً تقريباً ,كانت الشقة انيقة ذلك الاناقة الباريسية لعام 1880 عندما سكنتها لاول مرة مارث واثثتها بما يليق بفنانة باريسية جميلة ومشهورة والتى يطلق عليها لقب demimondaine
بمعنى السيدة الجميلة التى تعيش حياة الملذات ولما لا فهى فاتنة فنانة ارستقراطية تسكن جانب الاوبرا حيث السهر والصخب والشمابنيا ,فتح الباب عن رائحة للغياب الطويل محملة بالغبار وخيوط عنكبوت مسكونة فى كل مكان بينما كل شئ كان كما هو الستائر, السجاد, الثريا, الشمعدانات المذهبة, الفازات, كتب , وكم رصت على ذوق صاحبة البيت الانيقة حتى أن فراشها بشراشفه المنقوشة بالورود وعلى التسريحة قلم شفاه كان يداعب شفاه من استعملته يوماً وجدا كما هما ,وتذكر لجنة الحصر انها كلما تجولت بمكان تشعر بذبذبات وطيف لمن سكنته يوماً ,كان البورتريه الذى احتل جدار الصالون يشى الى اى حد كانت هذه المرأة جميلة ومغرية حتى أن عيون الجميع علقت عليه وهى تراقبهم فى تلصصهم عليها وعلى مقتنايتها وتسخر منهم قائلة اسطو على اشيائى سيأتى الموت بعد ذلك ليجردكم منها وربما كان ايضاً الاكثر غموضاً وتساؤل عن هذه اللوحة التى رسمها لها الفنان الشهير جيوفانى 1898 الذى ترك ايطاليا لفرنسا وهناك اشتهر برسم برتريهات لسيدات الطبقة الارستقراطية الفرنسية ولم يأتى ذكر هذه اللوحة فى أى مكان حتى خبراء الفن ومحبى الفنان لم يسمعوا بها قبلاً ولن تدون فى سجل اعماله الفنية وهو الذى كان يفخر برسم شخصيات مشهورة لنساء جميلات فلماذا وجدت هذه اللوحة طى الكتمان وقد بيعت هذه اللوحة بعدها بعدة ايام فى مزاد بمبلغ اثنان مليون دولار كشف فتح هذا الباب عن اسرار عاطفية للسياسين الفرنسين فى تلك الفترة الذى وقعوا بغرام هذه الانثى الاكثر جمالاً ودلالاً على وجه الارض حتى أنها احتفظت برسائل كل عاشق وعقدتها بشريط من الستان واحتفظت بها بأحد الادراج وكانت من اكثر هذه الشخصيات شهرة جورج كليمصو رئيس وزراء فرنسا 1906 حتى 1909,الاكثر دهشة فى الموضوع أن هذه الشقة التى أغلقت طيلة سبعون عاماً لماذا لم يتساءل احد عن سر الغياب الطويل لسكانها ولماذا لم تكن مطمع لجنود الجيش الالمانى عندما دخلوا باريس وهم الذين لم يتركوا منزل مغلق او فندق الا وقد اقتحموه بنية السكن او بنية السرقة فأى قدر كان لهذه الشقة حتى وكأنها كبسولة زمنية للعوده لعام 1890,حاولت أن أبحث لأتلصص اكثر فى تاريخ تلك الفاتنة بنية الفضول لا أكثر ولكن لم يرد اسمها فى أى مكان سوى بعض المقالات الفنية عن العثور على لوحة لجيوفانى فى شقة مهجورة من قرابة السبعون عاماً
موقع البناية التى بها عثر بها على الشقة وهى كأغلب مبانى باريس بنيت على النسق الباروكى الكلاسيكى من كان يتصور ان حيز صغير فى هذه البناية يخبئ معه كل هذه الاسرار
غالباً هذا وضع الشقة بعد عملية الجرد حيث بعثرة المحتويات وكما هو واضح مدى اناقة المكان الذى اثث على ذوق امرأة لا تقل عنه جمال واناقة
ها هى ذا تماماً عندما جلست امام جيوفانى ليقوم برسمها ترتدى فستان من الوردى يكشف عن كتفيها تجلس بأغراء بما يليق بنجمة مشهورة عشقها الكثير من الرجال ,رسمها الفنان كما رأها جميلة فاتنة مشغولة بنظرات اعجاب الاخرين لها حتى انها تحيد عنه لتنظر بأتجاه اخر ,وكفرشاة جيوفانى دوماً فى الرسم خفيفة,رشيقة ,جاءت اللوحة لسيدة ارستقراطية يمكنك ان نتخيلها فى وضع أخر وهى تسير ترتدى الفرو وتحتضن كلبها الصغير بيد وبيدها الاخرى مبسم للسيجارة الرفيعة ,وقد ذكر أن الرجل الذى اشترى اللوحة عندما سئل عن سر اقتنائها له وهو الذى لم يتوانى عن دفع ملايين الدولارات كان السبب يشوبه الكثير من الرومانسية فقد وقع فى غرام هذه السيدة منذ وقعت عينيه عليها وهى معلقة على الجدران وفى الوقت نفسه اثار تخلى الورثة عن مقتنيات جدتهم الكثير من غضب الجميع
هناك تعليق واحد:
من اجمل ما قرات .. كل ما فيه جميل العودة لحقبة بعدة الفضول و التلصص الناعم
الجمال في كل شيء لحظات كادت ان تمحى لولا ارادة الله ان نتذكرها ان تحيا معنا للحظات
عجبني البيت و تنسيقه لانه يشبه بيت جدتي و اثاثه
كم احل لو اثثت بيتي على هذا النحو
كم اود لو رسمت لي لوحة زيتية او بورتريه من الرصاص حتى
كم اودفي اقتناء الاصيل و الا تمحى من ذاكرة التاريخ موقع مررت به
موديل
إرسال تعليق