انه ذلك المكان ذلك الذى تدخله المرأة وتخلع عنها همومها ومعها تخلع اشيائها الصغيرة لتهيئ نفسها لتلك الطقوس النسائية الخاصة جميلة تلك الحالة العالية من الاسترخاء ان تخلو بنفسك فى هذا المغطس الممتلئ بالماء الساخن مغلقاً عينيك مبتعداً عن تلك الافكار والاحداث المربكة التى مرت بك واذا بها الاصعب عندما نغلق بعد ذلك صنوبر المياه ونتجه لنرتدى ثيابنا ونعود نقيم فى اجساد متعبة منهكة , ولعل كانت للحمامات العربية القديمة مذاق مختلف فكانت عالم ضبابى بكل ما تحمله الكلمة من معنى ليس فقط فى كم الهواء المحمل بالابخرة انما فى تلك المنطقة الملتبسة بين وحقيقة وخيال , كان اجتياز عتبة تلك الحمامات له استعدادت خاصة من النساء فتحمل كل منهم تلك التفاصيل النسائية التى تجمع فى وعاء كبير من الفضة المقوشة, مشط من العاج, مناشف مطرزة, صابون بروائح عطرية مساحيق لازالة الشعر,عطور حناء , بخور, ما لذ وطاب من صنع ايديهن انها العقول النسائية التى لن تتغير ابدا, ربما تلك الاوعية فرغت الان من محتوياتها ولكن لايزال عقول النساء ممتليئة بها لقد تأقلمت فقط مع لوزام العصر اصبحت عوضاً عن الوعاء تلك الحقيبة المبطنة بالساتان ,, فى الحمامات القديمة كان تجمع نسائى للثرثرة والضحكات والعتاب والحكايات التى لا تنتهى كانت الاسر الكبيرة تقوم باستجئار الحمام لها وحدها فى يوم معين مثلما كانت تقام فى تلك الحمامات الاحتفال بليلة الحناء وهى الليلة التى تسبق الزواج تذهب اليه العروس مع اصدقائها وقريباتها محملة بأشياءها الجميلة الجديدة وتقوم هناك بتلك الطقوس الخاصة بما يلائم الاستعداد للفرح ,فى تلك القاعات التى بلطت من الرخام الفاخر وحوائطها زينت بتلك النقوش الاسلامية والعربية وقد قسمت الى قاعات من قاعة الى اخرى تتفاوت درجة الحرارة والتى كلما اتجهت للابعد تشتد ددرجة الحرارة تتصاعد الابخرة من تلك القاعات من نوافذ بالجدار, قاعات لا توثثها سوى اجساد نساء العاريات ويملؤها البخار والماء ويعلو صراخ طفل هنا وتنبعث ضحكات نساء من هناك , وتنقسم طبيعة الاناث فى ذلك المكان الى نوعين منهن منذ ان تصبح صبية فهى تستحى من انوثتها وتختبئ داخل بشكير باستمرار , فمن عيون الاخرين تعلمت كيف تنكر جسدها وتخبئ رغباتها وتتبرئ من انوثتها فليس هو الجنس وحده العيب والممنوع انها الانوثة ايضاً بينما البعض الاخر تقفن عاريات مثيرات شاهرات انوثتهن فى وجه الجميع,,, فى الحمامات العربية القديمة كان هو المكان الوحيد المباح فيه انتهاك حرمة الجسد وحياؤه تسلط عليه الاضواء والنظرات الفضولية للنساء تتوالى عليه الأيدى حكاً ودتدليكاً وتشطيفاً بكل تلك الكميات الهائلة من الماء وكأنها تريد ان تطهره من دنسه ولماذا فى هذا المكان لا تخجل الانثى من تعرية جسدها امام الاخريات بينما يولدن ويمتن دون ان يتعرين تماماً امام رجل اهناك علاقة خاصة بالماء الذى ينزلق على اجسادهن بكل تلك الكميات الوافرة وبتلك اللذة الخاصة فى انزلقاه على اجسادهن ... ! انه الحمام موعد للنساء مع اجسادهن وثرثرتهن وليس اكثر بعد كل حمام تعود الى بيتها خفيفة كفراشة محلقة على فراش الزوجية,, وسط البخار والماء والشهوة والخطط المحبوكة ووصفات الطعام وثرثرة عن من جاء ومن ذهب ونصائح عن الحمل والولادة والرضاعة وتفاصيل جنسية خاصة جدا مزدحم بزخم رغبات واحلام وامال نسائية كمثل تلك التى فى انتظار رجوع حبيبها او تلك التى تحلم بالزواج او اخرى تأمل فى يهبها الله مولود ذكر ,, هنا وهناك فى اى تجمع نسائى ت "بأمكان لاى امرأة ان تكون قديسة او عاهرة فى اى لحظة ,, انه ذلك العالم السحرى للنساء والرجال والذى انتشر فى اواخر القرن السابع عشر فى البلدان العربية والذى تتدوالته الكثير من الدراسات والروايات بتفاصيله الحميمة منذ كان مجرد ارض فضاء الا ان هجر تماماً وكان من اكثر هذه الكتب وصفاً دقيقا لهذا العالم من الحمامات النسائية فى القاهرة القديمة مذكرات الاميرة جويدان زوجة الخديوى عباس الاول ورواية المبدعة رضوى عاشور ثلاثية غرناطة والتى كان احد ابطالها يملك حمام اندلسى للرجال فنقلتنا معها داخل هذا العالم الرجالى الذى لا يقل بتفاصيله عن العالم النسائى
Alma_Tadema_A_Favourite_Custom
كان الفنان الفرنسى المستشرق جان ليون هو الاكثر رسماً لواقعية المجتمعات العربية والتركية وكان اكثر واقعية لانه فى الكثير من اللوحات كان يعتمد على كاميرته الفوتغرافية اولا ثم ينقل تلك الصور الى لوحات فنية فى استديو الخاص به ولم يكتفى بذلك فقط لكنه من خلال لوحاته المتعددة الكثيرة فتح معرض لتلك الاشياء التى كان يقتنيها من تلك البلدان من ملابس اثاث تحف والتساؤل هنا ان هذه الحمامات الخاصة جدا والتى لا يسمح مطلقاً بقدم رجل ان تخطو اليها فكيف رسمها ليون بكل تلك التفاصيل الدقيقة من الواضح ان كاميرته الفوتغرافية كانت تتدوال بين ايدى الجاريات الاجنبيات والتى استعان بهم لالتقاط تلك الصور من داخل هذه الاماكن المحرمة ليصنع منها بعد ذلك خاصة لتلك العوالم الغامضة التى اصبحت ليس لها وجود وتعتبر تلك اللوحات كتراث بأمكاننا الاستعانة به فى الدراسات او ارضاء للفضول عن ماذا كان يحدث تحديداً هناك فى هذه اللوحة مثلا غيرت من اعتقادنا بان كل ما تصحبه النساء للحمامات يقتصر على ادواتها الخاصة او اكل وشراب بينما كانت تصطحب معها اكثر من ذلك ارجيلتها ,, البلاطات رخامية والسجاد عجمى والنقوش على الحوائط كتب عليها الحكم والامثال
لوحة اخرى لنفس الفنان بعنوان تدليك العاملات فى هذه الحمامات كانت من الجاريات الزنوج او العبيد ربما لان هذه المهن من المهانة بان تقوم بها امرأة اخرى او لانها تعتمد على قوة جسدية خاصة تميزن هن بها ومن المهن النسائية التى اندثرت مع الزمن البلانة وهى تلك المرأة التى تقوم بنزع الشعر الجسم والوجه والماشطة وهى التى عليها تصفيف الشعر وتجميل الوجه انما الالقاب التى اطلقت على تلك المهن الاخرى الخاصة كالمعلمة وهى التى تدير الحمام تساعدها الايمة وهى التى تقوم بغسل النساء والناطور هى التى تخدم النساء وتجلب المناشف
المقعد المستخدم فى ذلك الوقت من عيدان الخوص وظهر فى اكثر من لوحة وغالبا كان هو المستخدم وقتها فى المقاهى والحمامات الشعبية كتلك المقاعد من البامبو التى فى وقتنا هذا ,, القباقيب صنعت خصيصا من هذا الشكل حتى لا تحمى من الانزلاق
لا احد يعلم بالتحديد عن التوقيت لانشاء تلك الحمامات الشعبية فى مصر البعض يقول انها ترجع لعهد عمرو ابن العاص حيث انشئ او حمام فى الفسطاط واخرون ينسبوها للخليفة العزيز بالله الفاطمى ولكن انتشارها الاكبر كان فى عهد العثمانين و الان موجود منها اثنان او ثلاثة على الاكثر
Jules Scalbert (French, 1851)
هناك تعليقان (2):
Bonsoir
Je vous remercie pour votre visite ainsi que pour votre gentil commentaire.
Amicalement
Kenza
MERCI KENZA
إرسال تعليق