الثلاثاء، 11 أكتوبر 2011

الاسكندرية والذكريات



هل قدر المدن يشبه قدر الانسان مدينة كالاسكندرية بازقتها القديمة وشوارعها ومبانيها كانت تماما مطمع للاخرين كامراة جميلة  يشتهاها الجميع  ويحاولون ان يحصلوا عليها بالقوة والغصب والا لما كان هذا المصير مصيرها منذ انشائها الاسكندر الاكبر فى عام
ولان دوما التاريخ باقى لا يموت فكل ما مر بتلك المدينة من احداث ظلت شاهدة باقية تأبى ان يطاولها النسيان اعصب واشهر احدث مرت بها الاسكندرية كانت ضربها وحرقها 1882 وبينما كانت الاحداث تشتعل فى المدينة كان هناك الكثير من صحفيى ورسامى الجرائد الانجليزية  الذين يتابعون الاحداث يوما بيوم ويرصدون كل الاحداث فى شوارع الاسكندرية وبالتحديد كانت جريتدان هما the elnews lustrated London “ ,و the graphic 
ويعتبر الارشيف الانجليزى الوطنى بلندن خزينة ممتلئية بكل ما لعبته انجلترا فى دور حول العالم ومن ابرزها " الملفات المصرية " والتى تضم الكثير من الاسرار التى بقيت طى الكتمان من وقائع انسانية حزينة قد حدثت لهؤلاء البشر منذ 127 عام فهذه الملفات ليست فقط وثائق سياسية بل هى مراسلات وشكاوى كانت قد بعثت يوما من مدينة الاسكندرية                                              
تحولت الاسكندرية من مدينة يسكنها الاجانب فى مجموعة مبانى محاطة ببوابات خشبية كبيرة وتسمى وكالة وكانت كل جالية تبنى الوكالة الخاصة بها فهناك الوكالة الفرنسية للوكالة الاتجليزية وهكذا وكانت تقام تلك الوكالات على اطراف المدن ولها سياسة ونظام مختلير من المدارس الاف عن اهل المدينة فتلك البوابات تفتح وتغلق بمواعيد محددة وصارمة كان هذا فى اواخر القرن الثامن العشر فماذا حدث تحديدا فى منتصف القرن التاسع عشر ,, هدمت تلك الوكالات وفتحت ابوابها على مصراعيها واحتشدت الاوربين فى وسط المدينة وعلى اطرافها وعلى نواصيها واقاموا النواداى والمقاهى والفنادق الخاصة بهم والتابعة لعاداتهم وتقاليدهم فامتزجت الشوارع بجميع الجنسيات والوجوه واصبح من العادى ان تسمع جميع اللغات المتشابكة فى جملة واحدة واشهر تلك الاحياء كان الحى الاوربى  بميدانه الشهير باسم القناصل والذى التفت حوله اشهر فنادقهم ومقاهيهم " فندق ابات "واوربا " وكان شهير بحمامه الذى يحذب الاجانب بالتدليك على ايدى غلمان اجرة كل منهم 2 فرنك ومن اشهر المقاهى المقهى الفرنسى وقد قال الرحالة الفرنسى "دى فوجانى " عن ذلك الميدان انه اصبح مركز التجارة الاوربية وانه بوسطه تمثال بديع لمحمد على باشا صنعه " جكمون " من البرونز الخالص وقد اهتمت الحكومة بذلك الميدان بشوارعه العريضة المستقيمة والمبانى على الطراز الباروكى وبه الكثير من المدارس الاجنبية مثل سان فنسان والفرير _ وكانت الجالية الفرنسية وهى الاكثر عددا تقيم بذلك الحى ولا تنكر انها تشعر بانها فى فرنسا , تحولت المدينة منذ تولى محمد على باشا حكم مصر 1805 وحتى 1882 الى مدينة اوربية فميناء الاسكندرية تقد ر عدد السفن التى دخلته عام 1876 بلغت 7505 مما يدل على مدى اتساع حركة النقل البحرى والسفن المحملة بالبضائع والبشر وقد تالقت مدينة الاسكندرية فى عهد الخديوى اسماعيل الذى جعلها مثل قطعة من اوربا وخططها بما يليق بمدينة رائعة على ضفاف البحر لا تقل جمالا عن المدن الباريسية التى زارها وبهر بها , وقد بلغ عدد المستشفيات والمدارس الاجنبية التابعة للجاليات المئات واقاموا مشروعات حديثة بعد ما سمح لهم محمد على فى شراء الاراضى وتملك المنازل والقيام بكافة الانشطة التجارية  حتى بلغ عدد الشركات الاجنبية 1837 , 70 شركة وكان اليونانيين الاكثر نشاطا تجاريا يليهم الايطالين ثم الفرنسيين فالانجليز فالمجر فالالمان .... كان السائح المار بمثل تلك المدينة يشعر كانه فى احد قصص الف ليلة وليلة فتلك المدينة فيما وراء البحار بسكانها من كل شكل ولون وازيائهم ولهاجتهم , وقد كان قصر راس التين مثار التساؤلات والقصص الخرافية للاجانب لانه كان غير مسموح المرور بجوار سياجه الطويل
وقد شهدت المدينة بطفرة عمرانية بعد تحويل عدة قرى مثل الخضرة والسيوف والرمل والمندرة لمناطق عمرانية يسمح للسكان بالانتقال والعيش فيها بعد ان كانت ثكنات عسكرية وقد رصفت تلك المدن ببلاطات مخصوصة مستوردة من تريستا , كما عرفت المدينة بالانارة والمياه النقية بعد ما تعاقدت مع لوبون لانارة المدينة بمصابيح من غاز الاستصباح و منح مستر كوردييه حق امتياز مد مياه نقية وانشاء الشركة الاهلية لمياه الاسكندرية 



بينما كان الاجانب تحيا بترف كان المصرى يعيش حياة البساطة ويمارس المهن المتدوالة فى مثل ذلك الوقت كالحلاق والسقا والحلاق والحمال صورة قامت بنشرها جريدةthe illustrated بتاريخ 24 يونية 1882
    
مذبحة الاسكندرية
كان كل شئ جميل منظم مرتب نسيم البحر وانتعاش هوؤه يلطف الطباع ويوحد الجميع معا الا ان جاء يوم 11 يونية 1882
صورة لمذبحة الاسكندرية كما رسمها رسام جريدةt he illustrated
وهى ملخصها ان يونانى   كان تحت رعايا الحكومة الانجليزية قد استاجر حمارا واخذ يطوف به المدينة طول اليوم واخيرا توقف عند خمارة  باخر شارع السبع بنات ثم حدثت بينهم مشاجرة على الاجرة عندما رفض المالطى دفع اكثر من فرنك واحد انتهت بقتل العربى على يد المالطى بسكين كان قد رشقها بقلبه وهنا تجمع اصحاب ورفاق القتيل يريدون ان يمسكوا بالقاتل ففر الى احد المنازل المجازرة التى يسكنها اليونانين فتجمهر اهالى القتيل تحت النافذة فحدث ذلك الامر الذى جعل الموت يزأر فى انحاء تلك المدينة الهادئة الاجانب فى تلك المنازل والمنازل المجاورة خرجوا للشرفات بالبنادق والاسلحة واخذوا فى قتل الاهالى بقذائف عشوائية فسقط الكثيرون بين قتيل وجريح وانتشر الخبر فى ارجاء المدينة فخرجت الاهالى بالعصى الغليظة وهذا اقصى ما استطاعت العثور عليه لتقتل وتوسع ضربا كل اوربى واجنبى يصادفها بالطريق فهذا المواطن البسيط المغلوب على امره فى ظل امتيازات اجنبية تمنح الغريب الحق بالتمتع فى حياة كريمة هو نفسه صاحب المدينة محروم منها ولد عنه ذلك الصراع والحرمان واخيرا قد وجد منفذ لتلك الشحنة فلم يتوانى فى اخراجها والانتقام منهم ,, لم يتوقف الامر فقط على القتل فقد هرب الاوربين والاجانب من اماكن تجارتهم ومحلاتهم فنهبوا وسرقوا تلك الدكاكين والمحلات 

صورة نشرت بجريدة توضح فرار الاجانب من الاسكندرية 8 يوليو 1882 
  

وقد تطور الامر اكثر بكثير من مجرد حادثة قتل لجنبى لمصرى لحرب صليبية اسلامية وبحلول المساء تم حصر الموتى 163 من المصريين و68 اوربى كما تم نقل جثث اخرى م يتم احصاءه فقد كان العدد اكثر بذلك بكثير,كانت تلك الحادثة بمثابة نار الله الموقدة التى اشتعلت فى المدينة وامتلئيت بالاشاعات عن الاعدادت التى يستعد بها كل من الطرفين لمواجهة الاخر بالرغم من ان الحالة الطبيعية رجعت مرة اخرى بحلول الظلام ولكن كان هناك همس خلف الابواب المغلقة , والمثير للدهشة كل تلك الاسلحة التى حصلت عليها الجاليات الاجنبية وخاصة الانجليزية وكأنها كانت تتربص لذلك , ترددت انباء تلك المذبحة فى انحاء العالم وقد كتب عميد الجالية السويسرية فى كتابه الذى صدر عام 1884 باللغة الفرنسية وقد قال فيه فى وصف تلك المذبحة " ان الافق كان ملبدا بالغيوم فى تلك المدينة التى كان يسكنها 260 الف مواطن قبل يوم الاحد 11 يونية وكان يوم راحة للحاملين والعاملين بميناء الاسكندرية وكانت المقاهى التى يمتلكها المالطيون واليونانيون وانصاف الاوربين تكتظ بهم وفى ذلك اليوم استاجر مالطى وهو شقيق خادم المستر كوكسن القنصل الانجليزى واخذ ينتقل به من شارع الى اخر ومن حارة الى اخرى حتى استقر به الامر امام كباريه بالقرب من قهوة القزاز ورمى لصاحب الحمار قرش واحد فتبعه الحمار محولا مناقشته غى قيمة الاجرة فما كان من المالطى الا ان استل سكينا كان معلقا لتقطيع الجبن وطعنه به فسقط الرجل مدرج فى دمائه وانتقل اصحاب القتيل واقاربه وفران يونانى صديق القتيل ومغه الكثير من الرجال يحملون مسدسات وسكاكين واخذوا يقتلون فى الناس بدون تفرقة وتحولت المذبحة الى حرب بين الاجانب والمصريين بدون معرفة السبب الرئيسى لها حتى ان المسلمين كانوا يحملون العصى وهم ينادون " جاى يا مسلمين جاى " وقد كتب ايضا قائلا ان المستر كوكوسون كانيخاطب رعاياه قبل تلك الحادثة بايام قليلة منبها " تسلحوا واحموا انفسكم بانفسكم "فانتشر السكان بالشرفات والذين كانوا لا يعانون باى خطر عليهم واخذوا فى اطلاق النيران وطبقا لتحليل نينيه فى كتابه باشا عربى ان تلك الحادثة كانت مرتبة وان ذلك الخادم لم يكن سوى اداة لاشتعال الحرب حيث قام ادوارد ماليت بارسال برقية لوزير خارجيته قائلا " لابد من حدوث تعقيدات حتى لا نصل لحلول مرضية  للمسائلة المصرية " وقد تؤاطو اكثر من فرد فى تلك الاحداث منهم المحافظ بموقفه السلبى وقتها حتى ان مكتب العاملين القلائل الذين بقوا فى مكتب التلغراف بالاسكندرية رفضوا ارسال او استلام برقيات الا الخاصة بالمحافظ او التى قام بارسالها هو وقد ابلغ العاملين بخفر السواحل من الاوربين الذين يملكون ضمائر انهم شهدوا الكثير من الصناديق التى تحمل الاسلحة التى جلبها الاسطول البريطانى ويبعثها للقنصلية البريطانية ليسلح بها رعاياه ورعاياه ليسوا فقط من الانجليز ولكن من مختلف الجنسيات ولكن كان النصيب الاكثر منهم من المالطيين واليونانين وكتب احمد شفيق باشا فى كتابه مذكراتى فى نصف قرن ان الجرايد الاجنبية ارجت تلك الحادثة على انها تعصب دينى ,, 




ل
انتهى شهر يونيو سريعا وخلفه يوليو بسخونته المعتادة ولكن تلك المرة لم يكن السخونة بالجو فقط ولكن بالاحداث التى تجرى على ارض تلك المدينة التى تحولت من عروس للبحر الابيض الى ارملة تتشح بالسواد كانت ترابط على السواحل قطع من الاسطول البريطانى تضم 8 مدرعات كبيرة وخمس سفن خشبية ضخمة موجهة مدافعها الى المدينة الوادعة كان الاميرال سيمور قد حزم امره بعد ما مل الانتظار فجلس على مكتبه الخشبى بقمرته يكتب لحكومته ان اعمال الترميمات بالطوابى المصرية مستمرة وانهم بيركبون بطاريات جديدة تجاه البوارج الاجنبية وان المصريين وعلى راسهم عرابى يعتزمون سد بوغاز الاسكندرية لحصر البوراج الانجليزية الراسية بالميدان فىنفس اليوم ارسل الاميرال " كونراد " من على سفينته الفرنسية رسالة لحكومته يخبرها ما ينوى عمله الاميرال الانجليزى سيمور وقد اضاف انه لم يرى اى ترمميمات بالحصون وان كل ما ذكره سيمو للخديوى والباب العالى وللعالم كله افتراء واحكاما لتلك الخطة قد بعث الاميرال سيمور لطلبة باشا قومندان الاسكندرية يخبره عن الكف عن الترميمات فى الحصون فرد عليه انه لا توجد اى ترميمات من الاساس وذلك لم يمنع سيمور من المضى قدما فى الخطة التى كان قد قرر تنفيذها وقد انتشر خبر تلك الاحداث والمراسلات وارسل قناصل الدول الكبرى المراسلات الى لجاليات وعلى راسهم انجلترا وفرنسا بهجرة مواطنيها تحسبا للحرب التى قد تكون 
لم يتبق فى المدينة الا قلة قليلة من البسطاء من المصريين او الاجانب الذين يخشوا على اعمالهم ومنازلهم وقد نشر الامير طوسون فى مذكراته قائلا انه هناك رجل انجليزى هو مستر " رويل " الذى كان محاميا بالاسكندرية فقال ان الخطر الذى كانت تتعرض له بوراج الاميرال خطرا وهميا ولكن قرار سيمور بالضرب لم يكن سوى لاعادة الكرامة للاوربين والسيطرة على عرابى وزملائه
توجه وفد من السلطان العثمانى وقادة الجيش للاميرال معه رسالة تحثه على عدم الخوض فى الضرب وانه لا داعى لها ولكن بعدما فض الجنرال الرسالة وقام بقرائتها حتى قال " انا اسف ان اخبركم انى لا استطيع ان اقوم بما عرضتموه "
ويقول البرت فارمان فى كتابه مصر وكيف غدر بها وهو كان قنصل امريكا فى مصر _1881_1886
قبيل ظهر يوم الاحد 9 يوليو تلقيت خبر من مصدر موثوق منه بان اعلانات ضرب المدينة بالقنابل الذى سيحدث بعد ذلك ب24 ساعة سيطبع بعدة لغات ويوزع فى صباح باكر " وكانت الطوابى وهى الحصون او القلاع التى تحمى المدينة من البحر اهمها طابية العجمى غربا ثم طابية الدخيلة ثم قلعة المكس وهكذا تمتد الحصون على امتداد الشاطئ وقد بقيت هذه الحصون على حالتها منذ انشائها محمد على ولكن الخديوى اسماعيل كان قد اضاف لها بعض التجديدات وجلب لها المدافع الضخمة هذا عن المعدات العسكرية بينما كان القوة البشرية بحال احسن منها حتى قال عرابى بمذاكرته انهم لم يزيدوا عن 700 مقاتل يوم الضرب بينما قال نينيه ان معظم مدافع كانت قصيرة المدى لم تتحرك من مواقعها منذ 38 سنة عندما قام جاليس بك مفتش الاستحاماتفى عهد محمد على بتركيبها اول مرة  
الاسكندرية بعد ما كانت مطمع الاجانب الطامعين فى حياة سعيدة وثرية تحولت الى مدينة لا يسكنها سوى الاشباح تنتظر الدمار من قرار انجليزى غاشم وخديوى ضعيف وصراع ما بين جيش وحاكم                                                            
فكان نتيجة كل ذلك هو ضرب المدينة فى الحادى عشر يوليو 1882 وبعد شهر واحد من تلك المذبحة وفى نفس التاريخ 
                                                   
فكان نتيجة كل ذلك هو ضرب المدينة فى الحادى عشر يوليو 1882 وبعد شهر واحد من تلك المذبحة وفى نفس التاريخ 
صورة نشرتها the illustrated london news بتاريخ 5 اغسطس 1882






وقد قال جون نينيه ان اصوات المدافع كانت تصم الاذان وامتلئيت السماء بدخان اسود كثيف وقد  قتل من المصريين اثناء تلك الاحداث الفين بينما خسائر الانجليز كانت خمسة من القتلى او اقل واضاف ان تلك الضربة لا اساس لها سوى شهوة للقتل وسفك للدماء وتساءل هل بامكان هؤلاء الجنود الحكى عن تلك المجازر للابرياء لاهاليهم اثناء تناول شاى الخامسة مساء ويضيف ثائلا انه قد بدات نقل جثث تلك المجرزة بواسطة عربات النقل حيث كانت تنقل للمقابر بدون اى مراسم ام الجرحى فيقوم بنقلهم للمستشفى وكانت تلك العربات المليئة بالجثث المتراكمة الواحدة فوق الاخرى مشهد ماساوى ويضيف لموقف تعرض له انه كان يقف بالقرب من الاجيبسيان بار عندما مرت عربة نقل تحمل الكثير من الجثث وخلفها الكثير من النساء تصوت وتصرخ وعندما راينه صرخن فيه تقتلونا وتاتون لتشاهدونا اقتلوه اقتلوه وقد انقذنى البعض من بين ايديهن بمعجزة وقد هدمت الكثير من المنازل وكانت القذائف تطير من فوق رؤسن لتهدم ذلك وتشعل النار بذلك وهدمت قلعة قايتباى بالكامل 151





قلعة قايتباى بعد الضرب 

يقول على عبد الرحمن الرافعى فى كتابه الثورة العرابية والاحتلال الانجليزى فى هذه الاثناء اصاب الاهالى لوثة او مس من الشيطان جعل الاهالى يجرون بانحاء المكان فى كل حدب وصوب  هرع الناس للمحطة افواجا وهم فى حالة فزع يستقلون القطارات التى كانت تخرج بهم لكفر الدوار ثم تقوم بالرجوع مرة اخرى وكانت تخرج ممتلئية وترجع خالية تماما وقدر عدد الفارين 150 الف نسمة وكان الكثير من المرضى تركهم الاهالى ورائهم ومات منهم الكثير وتفرق الكثيركان المنظر ماساوى فى ذلك اليوم كما وصفه محمد عبده بكتابه قائلا كانت الملابس رثة حر شديد نساء تبحث عن اطفالهن واخريات تتشاجرن هذا وقد اصاب السكان الفزع الاكبر عندما علموا ان المدينة سيتم حرقها
وتعالى الهمس والتساؤل من سيحرق المدينة ولماذا ولا من مجيب عندها تفرق شمل الاسر وديس الاطفال والشيوخ تحت الاقدام وامتدت يد خفية لتفتح السجون فاصبحت مرتع للصوص من العرب والاجانب وبدات اكبر حملة لسرقة المدينة وتدمير منازلها بدون وجود اى من شرطة او جنود فقد هرب الجميع الا الا الاى واحد من الجيش اسمه سليمان سامى بن دواد وكان كثير الشرود حتى ايقن كل من راه انه كان يخطط لشئ خطير 
صورة لاحوال الناس بالمددينة كما صورتها جريدة the graphic


وفى ميدان القناصل او المنشية وبجانب تلك النافورة خرج سليمان من صمته وصف الظباط والجنود قائلا " ان الانجليز قد يريدون دخول المدينة لاحتلالها وقد نجحنا فى اخلاءها من السكان وعلى احراقها حتى لا ينتفع منها بشئ ولكن قبل احراقها سنقوم بنهبها  "
وقد بدا فى اشعال المدينة الجميلة لتتحرق ويتحرق معها قلب سكانها ومن احبها يوما
178 –ويقول البرت فارمان انه شاهد السنة اللهب تنطلق من الحى الاوربى الراقى بالاسكندرية لتنتشر فى ارجاء البلاد بينما قطعت المياه نهائى وقد بدات الحرائق تنتشر بجانب المستشفيات  
وكاانت تلك الحرائق بواسطة عصيان مربوط بها قطع قماش مغموسة بالبنزين  وقد نقلت جريدة التيمس حالة الميدان قائلا شعلة من الدخان ترتفع بلسان من اللهب بينما بين الحين والاخر نسمع صوت مفرقعات بالاضافة لاصوات مبان تتهدم
وقد جاء الخديوى توفيق للاسكندرية وسط تلك النيران وقد كان سراى الحريم براس التين قد اصابه التخريب الكبير هذا والجزء الذى نجى من الحرب لم ينجى من النهب 
الاباء الفرنسيسكان هم كهنة دير سانت كاترين وقد حاول القنصل الفرنساوى عند اشتداد الازمة حثهم على ترك البلاد والصعود الى احد السفن التى ارسلتها حكومته ليكونوا بمامن عن الضرب ولكن رفضوا جميعهم وكان عددهم 11 راهبا بالاضافة  لثمانى راهبات من دير المستشفى الفرنساوى وقد اعلنوا ان من واجبهم البقاء لمدواة الجرحى وهذه نلك الحكايات على لسان الاب غليوم رئيس الدير "ان الدير كان قد امتلئ على اخره بكافة الجنسيات ومنهم المصريين والعثمانين بامتعتهم ومنقولاتهم وقد وقعت قنبلة بجوار مخدعى تماما ونجيت منها باعجوبة وهدمت جزء كبير من الدير وبينما كانت الراهبات تقمن بمدواة المرضى والجرحى فى المستشفى حتى سقطت قنبلة على رؤسهن ولكن لحسن الحظ لم يصاب احد وكنا نقوم بدفن جثث الموتى بحديقة الدير وكانت الطرقات ممتلئية برعاع المواطنين والعرب الذين جئيوا خصيصا لنهب المدينة وقد كنت ارى بنفسى عصابات من الاشقياء يقومون بسكب البنزين والجاز على ابواب المحلات واشعال النار فيها " 
صورة لمشهد المدينة المحترقة وهى تشتعل كما نشرتها جريدة            
مشهد النيران المشتعلة فى قلب المدينة اثار خوف الانجليز على بر البلاد حتى انهم اعتقدوا ان عرابى يستعد بجيش قوى بمحاربتهم وسط النيران واخيرا قاموا بالدخول فى منتصف الشهر ليفاجوهم وجه اخر لعروس المتوسط فالخراب والدمار فى كل مكان بالاضافة الى مزيج من روائح الجثث المحترقة بالاخشاب والاوراق  حتى ان سكان راس التين وعلى راسهم الخديوى توفيق  كان يشمون تلك الروائح التى تنبعث من حفرة وضعت بها الالاف جثث الجنود والاهالى الذين لقوا حتفهم فى تلك الاوقات ولم تكن تغطى بوافر من رمال فكانت ربما تخرج يد من هنا او راس من هناك تنبعث منها تلك الروائح وكأنها ابت ان تدفن بسلام وكانت تطالب بقصاص عادل لها وطلب الخديوى وضع لجنة من الاطباء لفحص جثث القتلى ومباشرة دفنها  , المصالح الحكومية والمستشفيات مهجورة تماما  لم تجد كسرة حبز فى المدينة التى هاجر خبازيها وشح دقيقها لسحبه لصالح الجيش وانقطعت عنها المياه تماما انها تحولت لمدينة الاشباح
فى يوم 17 يوليو قام جنود البحرية بوضع منشور فى كافة الشوارع والازقة والحوارى فيه ما يلى                                     
قد فوض رئيس فرقة من العساكر تطوف المدينة وامر باطلاق الرصاص فورا على كل من يحرق بيتا او متجر                
تقرر ان يساق الى السجن كل من وقع فى حالة نهب                                                                                        
وعملا باحكام هذا القانون قد قتل  رميا بالرصاص 7 من الاشخاص وجدوا فى حالة سرقة ونهب فى وسط ميدان المنشية ودفنوا فى نفس الساحة                                                                                                                                                 
قدرت الخسائر حريق الاسكندرية فى مقال نشره دواد بركات  بالالاف من الفرنكات كما قدرت التعويض بمبلغ مماثل لها واطاحت النيران بكل الفنادق والمبانى والمتاجر التى تخص الاجانب والمصريون على حد سواء وقد اصدر الاميرال الانجليزى بالتفاق مع الخديوى منشور يطمئن كل الاجانب والمصريون بتعويضات للاضرار التى اصابوا بها والسماح للاجانب بالعودة مرة اخرى الى المدينة ومباشرة اعمالهم وسمحت للتجار المصريين بانشاء اكشاك خشبية مؤقتة يقوموا بمزوالة اعمالهم فيها لحين انشاء متاجر جديدة  كما قامت شركة لابروفنسيال وهى ىشركة فرنسية ضد الحريق اقامت وكيلا لها فى القطر المصرى 
صورة للخديوى توفيق اثناء اجتماعه بالقناصل فى سراى راس التين كما نشرتها جريدة 
ومن الحيل الطريفة التى ابتكرها الانجليز مع الحكومة المصرية لظبط الامن بالاسكندرية بعد المهازل التى حصلت بها بما يسمى اسم الليل وهو اسم اولقب جديد كل يوم متفق عليه بين الخفرا والعسكر وقد حددت الشرطة التى تكونت من جميع الجنسيات والطوائف حتى اصبحت كامم متحدة صغيرة  توقيت معين للرجوع للبيت واخلاء الشوارع ومن تضطره الظروف بالتاخير بعد هذا الموعد فيحق له ان يذهب للكراكون ويطلب اسم تلك اللية لانه سيكون مطالب بها فى حالة اذا قابله احد الخفرا او العسكر وطلب منه اسم الليلة ولم يجيبه سيكون مفوض له بقتله رميا بالرصاص فورا  يالها من حيلة  ...
قال محرر الاهرام عاتبا ان عدد من المصورين اخذوا فى رسم خرابات الاسكندرية وقريبا تتم ويشتريها العدد العديد ومصائب قوما عند قوم فوائد وقد صدق توقع حدس حيث تعتبر صور ضرب الاسكندرية من اندر الصور التى تم العثور عليها بعد مرور 127 وتباع الواحدة بما لايقل عن 200 دولار وهى لعدد من المصورين منهم زانجاكى المصور اليونانى وبونفيس وفيوريللو الايطالى
كلمة سر الليل كما رسمها فنان جريدة ونشرتها فى 
 رفض اصدر له الخديوى تلغراف " ان ذهابكم لكفر الدوار بدون صدور امر بذلك مصطحبا العساكر واخلاء ثغر الاسكندرية وقطع التلغرافات وتوقيف خطوط السكك الحديد ومنع حضور المواطنين الى وطنهم وعدم الحضور لطرفنا بعد ان طلبنا منكم ذلك هذا كله يوجب عزلكم فقد عزلناكم من ورزاة الجهادية والبحرية " وانتشر هذا المنشور فى جميع انحاء الجمهورية وبذلك ابتعدت الشعب المصرى عن عرابى فقد كان لبسطاء لايزالوا ينظرون للخديوى كخليفة للمسلمين , ورغم كل ما ثبت فقد اعلن المصريون انهم رجال المحن فقد هب الجميع للتطوع للجهادية ودعمها بالمال والمؤن حتى ان الوالدة باشا خوشيار هانم بنفسها كانت قد تبرعت بجميع خيولها للجهادية وبالرغم من وصول من السير جارنت ويسلى لاسكندرية لقيادة الجيش الانجليزى واعلانه انه جاء ليحمى المدينة والخديوية وليس لا كثر من ذلك

 الاستعداد الانجليزى لمواجهة عرابى فى موقعة التل الكبير فى جريدة 




واصل عرابى حشد الجيش وكان يستعان بالخفرا الذين لس لهم اى دراية بفنون الحرب وتواجه مع الانجليز فى اكثر من موقعة التى انتهت بفشل الجيش المصرى فى تل ابيب عاد بعدها عرابى للقاهرة وفى نفس الوقت قام بالاجتماع بزعماء الامة وقادة الجيش وكان كلا بين مؤيد ومعارض لاستمرار الحرب واستقر اخيرا الامر على التسليم وكتب عرابى للخديوى يلتمس فيها العفو ولكن الخديوى رفض وفى صباح اليوم التالى كان عرابى يرتدى بدلته العسكرية ويحمل سيفه هو طلبة عصمت وركبا معا عربتهم العسكرية فى طريقهم لثكنات العباسية يسلما انفسهما الى القادة الانجليز بهدوء وغير توقع  هكذا بكل بساطة انقهر رجل كان يهتف له الجميع الله ينصرك يا عرابى وسلك نفسه للعدو بعدما طأطات راسه فى خضوع وبالفعل سجن عرابى وطلبة عصمت فى 16 سبتمبر وقد شكلت المحاكم العسكرية لمحاكمته بينما اوكل له زعماء الوطن محامين احدهم انجليزى والاخر فرنسى وفى نهاية المطاف لم يتخل عنه محامى انجليزى وحيد وبعد اعتراف عرابى بالعصيان ولكن كان عصيان من الانجليز الخديو ام وطن حكم عليه فى محاكمة لم تستمر اكثر من خمس دقائق بالاعدام شنقا الذى خففه بعد ذلك الخديوى بالنفى خارج البلاد ومصادرة املاكهم وحرمانهم فى التملك فى مصر مع ترتيب المعاش السنوى لهم وقد قررت الحكومة البريطانية نفى عرابى لجزيرة سيلان 
صورة لتنفيذ الاعدام على سليمان دواد بميدان المنشية بالاسكندرية هو نفس الميدان

 الذى جلس فيه تحت تمثال محمد على البرونزى وامر بحرق المدينة والادهى بنبها قبل 

حرقها حتى  لا يتهنأ بها الانجليز فأى عقل كان عقله وقتها وهى اتخاذه هذا القرار ناتج 

حب جنونى للمدينة وغيرة عليها كما امر نيرون  ذات جنون بحرق روما ترى ما السر 

وراء دفعه لحرق المدينة واى جنون وقتها كان يحرس عقله   وهل اتهامه لعرابى بالاشتراك معه كان مجرد محض خيال 










ليست هناك تعليقات: