عندما يتحول الباحث فى تاريخ الفن الى مخبر يبحث عن العلاقة العشقية التى تربط او ربطت يوماً ما بين موديل وبين الفنان , اعتقد انه مع الوقت والخبرة من السهل التعرف على تلك المرأة فى لوحات فنان وبخاصة انه لن يتوانى عن رسمها مرات ومرات , ربما هو حدس انثوى يخبرنى عن ذلك الوجه للموديل الذى اختزن الفنان مشاعر ما تجاهه وفشل ان يخفيه ونابت فى البوح عنها ريشته فتلك المشاعر والاحسايس فاضت عن الحد فترجمتها الفرشاة لكلمات تعبر عن ذلك , انها تلك الذيذبات التى تشى بمشاعر الفنان اثناء رسمه لحبيبته, فمثلا فى لوحات رينوار الذى لم يرسم يوماً سوى وجوه لجميلات من بين جميع من رسمهن من جميلات كانت التى مست قلبه هى التى خمنت ان تكون هى حتى من قبل ان اقرأ المزيد عن السيرة الذاتية للفنان التى اكدت تلك العلاقة كذلك عثرت على تلك المراة فى لوحات تيسو, وجوفانى ,ولوتريك ,وهيمروش, والكثيرون... الذين خاب ظنهم بأن ذلك الوجه سيؤتمن على سرية دهاليز المشاعر ولكن ولكأن الفرشاة كانت تترجم المشاعر والاحسايس وتلك المعادلات الكيمايئة الخاصة لكلمات من الحب والغزل هو الذى استغرقه حبها وفيما رسم من لوحات لم يرسم سواها , عندما قررت اختيار بورتريه فنى كغلاف لروايتى الاولى صخب الصمت وقع اختيارى مصادفة على لوحة كنت قد عرضتها فى المدونة بما يسبق تاريخ نشر الرواية بعامين تقريباً , ولكن اثناء بحثى عن لوحة تتطابق صاحبتها مع شخصية بطلة الرواية والمشهد الاول بها وهى تستقل القطار فى نهار شتوى بارد وترتدى معطف اسود وتغطى يديها بقفازات وتمسك احد الكتب لتقرأها فجاءة تراءت لى تلك اللوحة ربما بعدها وحتى تتطابق اللوحة مع البطلة تماماً فى اول واهم مشهد لها بالرواية جعلتها تضع على راسها قبعة سوداء كما هى صاحبة اللوحة , كانت بعنوان " المسافرة لفنان تشيلى غير معروف ولا يملك الكثير من الاعمال الفنية عند البحث عنها فى الكثير من المواقع لم اعثر سوى على نتيحتين او ثلاث وعرض اربع او خمس لوحات له كانت من بينهم لوحة الغلاف التى اثارت الجدل فى الاوساط الادبية وربما كانت حافز مهم للاقبال على الرواية , اللوحة للفنان كاميلو ماريو ولا اعرف السبب الذى جعلنى اتوقف مجددا امام لوحة الغلاف واحاول البحث مرة اخرى لاكتشف ما سر تلك المرأة فى اللوحة والى اى الطرق كانت جهتها حتى اكتشفت احد المواقع الذى ضم اعمال الفنان وكانت من مجموعة اعماله ثلاث بورتريهات لذات السيدة صاحبة الغلاف مما اثار فضولى اكثر واخذت علامات التساؤل تتناوب على فظللت ادير مؤشر البحث فى جميع المواقع الالكترونية حتى عثرت على موقع كتب بضعة سطور عنه وعن السيدة صاحبة البورتريه وتماماً كما خمنت ان هناك علاقة ما تجمع بين الفنان وصاحبة اللوحة لاكتشف انه لم يرسم سوى زوجته التى استقلت القطار ذات صباح بارد حزين لمغادرة البلاد هرباً من الحرب الدائرة بها وكانت ملامح المرأة فى البورتريه تقطر حزناً بالاضافة للتساؤل يعنيها , ومن بين اللوحات التى كانت اكثر شهرة وجدلا لوحة الفنان الهولندى فريمير " الفتاة بقرط من اللؤلؤ" فريمير الذى رسم الكثير من اللوحات لنساء كانت تلك هى اجملهم ربما لانه يمر مرور الكرام على تعابيرات الوجه ولكن فى تلك اجزل العطايا كان البورتريه لخادمة تعمل بمنزله ولم تكشف اى من المعلومات الكثيرة عن الفنان واللوحة بأن هناك علاقة ما ربطت بهم ولكن تلك اللوحة التى علقتها يوماً على جدار غرفة النوم احد السيدات كانت تتحرش بها عندما تخلد للنوم مساء وعندما تستيقظ منه صباحاً للحد الذى جعلها ذات صباح تقرر ان تكتب رواية تدور احداثها عن علاقة حب جمعت بين الفتاة والفنان وجعلت الكثير من مؤرخى الفن يملؤهم الشك ان كان الفنان وقع حقاً فى غرام تلك الفتاة, هو الذى فى احداث الرواية التى تحولت فيما بعد لفيلم لم يكشف عن نواياه العشقية ويصارح الفتاة بحبه ولكن نظرات الفنان وحرصه على عدم بيع تلك اللوحة والتفريط فيها حتى وهو فى امس الحاجة للمال ان لا يبيعها وبدلا منها ضحى بلوحة كان قد رسمها لزوجته المتسلطة , ترى اى الاسباب ادت لتختلق تلك السيدة قصة حب ربطت بينهما هل لان ملامح الفتاة باللوحة تنطق عشقاً ام ريشة الفنان قد فضحت عما بداخله انها نظرة متبادلة ما بين عاشقين لا تخطئها اعين تمرست فى دروب الحياة





الترقب الامل الانتظار هل هو دوما قدر المرأة وهل يولد الرجل بحقيبة مرتبة وببدلة يوضع فى احد جيوبها جواز سفره ليحلق بعيدا دائما, يأتى على وشك السفر ويغادر وهو ما لبث ان جاء, و وحدها المرأة تبقى فى الانتظار

دخل الفاطميون مصر عام 385 هجرية 17 من شهر شعبان بقيادة جوهر الصقلى الذى قضى على الجيش الاخشيدى , وكان هذا التاريخ هو ميلاد مدينة القاهرة فجوهر الصقلى منذ دخوله وقد شرع فى بناء مدينة عاصمة للبلاد واختارها على بعد امتار من جبل المقطم فى ارض فضاء الا من دير يطلق عليه دير العظام وطلب القائد العارفين المغاربة ليطلعوا على حركة النجوم والكواكب وملاحظة الايام السعد للشروع فى البناء واحاط المكان بعدة اعمدة من الخشب وبين كل عمود وعمود حبل يتدلي منه جرس فى انتظار الأشارة حتى يدق وفى انتظار ذلك حط مجموعة من الغربان على الحبال ويدق الجرس ويشرع البناة فى البناء هكذا بدون ان يدروا انهم فى انتظار الفأل السعيد والاوقات المبهجة خدعهم غراب لم يعرف عنه يوماً سوى انه نذير شؤم واتساءل الذلك كان قدر تلك المدينة التى يتبادل عليها الحكام من كل حدب وصوب وهى مستسلمة لقدرها تلك المدينة التى وكأنها تحيك لك مؤامرة تهديك سعادة تفضى بك لحزن , ذكريات تفضى بك لبكاء , دفء لا يشعل بك سوى الرجفة وكان فى تزامن الشروع فى بناء المدينة ظهور كوكب المريخ وهو قاهر الفلك لذلك كان من نصيب تلك المدينة ان تسمى القاهرة وكما كل امرئ له نصيب من اسمه فالمدن ايضاً لها!!!
باسكال كوست المعمارى الفرنسى الذى جاء الى مصر بتوصية من المسيو جومار المشرف على البعثات العلمية فى عصر محمد على سنة 1817 جاء ليشرف على مصنع البارود الذى امر محمد على بناؤه فى القاهرة وكانت بصحبته المهندس والفنان برايس دافين ومنذ لحظة دخوله للقاهرة وقد وقع تحت سطوة هذا البلد بسمائه الذهبية ونيلها الاسمر الذى يتهادى فى خيلاء كمن يعرف قدر نفسه , وهام عشقاً بالعمارة الاسلامية والفرعونية على سواء فأخذ يرسم ويسجل وقد بدأ حياته فى دراسة الرسم والتصوير فى مرسيليا ثم درس المعمار فى الاكاديمية الفرنسية للفنون اقام فى مصر عشر سنوات سافر بعدها لمرسيليا لينشر عمله الضخم العمارة العربية واثار مصر وقد اشرف كوست على العمل فى قصر شبرا او شبرا بالاس لمحمد على باشا واهتم بالتفاصيل الدقيقة فى لوحاته والاتقان المبهر فى هندسته للعمائر والزخارف واستعان باعماله كلوت بيه فى كتابه لمحة عامة عن مصر خاصة فى الفصل الذى شرح فيه العمارة الاسلامية , من اجمل لوحاته محل الحلاق وتشى ريشة الفنان المتزنة الثابتة بدراسته المعمارية من خلال الابعاد والزوايا , اللوحة عبارة عن مشهد لمحل الحلاق حيث يمارس عمله فى حلاقة شعر طفل صغير بمساعدة صبى الحلاق الذى يقف فى استكانه يجواره بينما يجلس زبون اخر ينطر فى المرأة ليكتشف صنيع الحلاق وتفتح النافذة على مشهد للاهرامات كناية عن مصر , من الواضح أن الفنان افاض بالتفاصيل فالارائك من الاربيسك تنتشر فى انحاء المكان المرايا تتراص على الحائط الزخاف والنقوش على السقف
